إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 15 أكتوبر 2023

كركوك - كتابات الشاعرة غربة قنبر 13

 


1

هذا العيد بحثت عنكما

في طيات الكتب

في كل ركن من البيت 

لم أجدكما

في وجوه المهنئين 

والقادمين من أقصى المدينة

في وجوه الأطفال

 الفرحين بقدوم العيد

كنت أنتظركما طوال الليل

تآنسانني

 كما تؤآنس ليلة العيد 

 ‏صوت كوكب الشرق

كنت مثل 

زهرة الزعفران البنفسجية

أقطف كل صباح

 قبل طلوع الفجر

 تويج زهرتي البنفسجية

 ‏ فداء لثلاث من متك الزهرة 

 ‏ البرتقالية كالفجر

 ‏لعلكما تأتيان 

 ‏ولو متأخرا

 ‏محملا لي بهدايا العيد

 ‏بعض من رائحة 

 ‏سترة أبي المعلقة

 ‏ على شماعة باب دارنا العتيق

 ‏أو مهفة أمي المحبوكة بحصير المحبة

 ‏تخفف عنا حر قيظ الفراق

 ‏مزخرفة بدعواتها وصلواتها 

التي تصل ‏لقبة السماء

 ‏ المفتوحة طيلة أيام السنة.

غربة قنبر 

 ‏٢٠٢٣/٦/٢٨  

 ‏

2

في يوم عاصف

على تلال مجدك

وقفت مجردة من كبريائي

كنصل سيف

متهم وجاهز

كي أعلن براءتي من سيل نزفك

وكذبك المترهل

ونبل غاياتي


في العدم 

أعانق مسراتي وأفراحي الضئيلة

شمعة خافتة تتضاءل ضوءها

كنزيف الشمس ساعة الاصيل


قلبي الذي ذرف دمعه

على عتبات الليل الطويل

عادت يانعة وبراقة

مثل ذهب صقله مطرقة

وأشتدت عودها وقوتها للنبض


ماعاد سلاسل حقدك يكبلني

ولا خمول مشاعرك

ولا رتابة هذيانك

كاحلي تحرر من سلاسل غيض

والصدأ ينخر دوما في الصلابة.

غربة قنبر ‏ .


3

(هواجس)

حينما غادر رأسي

 متكأ كتفك

أعطيت لنفسي 

جرعة زائدة من الامل

كانت كفيلة 

بأن تفسد صبري

وأنتظر ولا أمل يمسي

إنتظاري مر

كأيام هذا العام 

وجرعة الصبر لااظنها

تكفيني أن أبقى على خير

فلا وباء هجرك يقضي علي

ولا عافية اللقاء

أنعم بها

كفانا هراء

فالغربة تنضح من مسامك

 منذ أن خلقت

وفؤادي عليل بك لا شفاء منه

والسقم لم يغادر أوصالك

 منذ أن عرفتك

غربة قنبر .


4

حلم

حلمت أمس

بأيام مرصعة بك

تخرج من نخر الزمن

الموبوء بالحزن

كالمنخل الذي يصفي 

أيامي

يداك تستوطنان كتفي كملاك خير

تشهدان على لقاءنا الاول

عناقيد من القهقهات

تعلو عرش فمي

تسخر من حزني 

ويدك الرابضة على كتفي

جيش قادم من عهد ولى

يسترجع ايام مجده

حينما كان صبيا

ولم أستفق من الحلم

إلا حينما لمست يدك

وكانت حنونة مثل يد أبي. 

غربة قنبر .


5

طعم ذاك الشاي

 مازال عالقا" في حلقي 

 ‏والبراعم الذوقية للساني

 ‏ إختلط عليه الامر

أحتار في لون القدح 

والملعقة الذهبية

عملت شايا"

كي يشبه ذاك الشاي

 رغم أني تذكرت لاحقا"

أننا شربناه في قدح كرتون ذي استخدام واحد

كما ذهبت وعودك 

 أدراج الريح

 ‏ مع قدح الشاي

 ‏ ذي الاستخدام الواحد

هل كان ذاك الشاي

 بنكهة الورد

 ‏ أم كانت بالنعناع

 ‏كل ماأعرفه أن طعمه ضاع

 ‏مع مئات الوعود المزيفة

 ‏في سلة المهملات 

كم من مرة حاولت

 أن أعمل شايا" يحمل تلك النكهة

وذاك الطعم

ولكن في قدح شفاف مثل قلبي

وبنكهة الوفاء 

غربة قنبر .


6

(صورة)

مازلت أحتفظ

 ببرواز صورتك

إطارها من البنفسج والياسمين

أقتفي ملامحك النابتة

في كريات دمي 

وعلى حمضي النووي

كل صورك النيجاتيف محوتها

وإحتفظت بالنسخ الأصلية العالقة ببالي مثل العنب والتين المنساب 

 من ثغرك

زبد البحر وملحه

يملأ ثغري

كلما تذكرت أنك بعيد بعد ذكريات تلك الصورة

فأقوم خلسة بإعادة 

 تدوير صوري القديمة

لأجمع ملامحك المتلاشية 

في ألبوم جديد

وبرواز أنيق  .

غربة قنبر


7

عودة

عند العودة 

هاتوا لي حفنة من رمال الشاطيء

 وبعض الاصداف التي منحها البحر لي

 ‏ كي أصنع منها سوار 

 ‏لحفيدتي الجميلة سولينا

عند العودة  

أتركوا الابواب

 مفتوحةعلى مصراعيها

 ‏ لعل القادم قد غافله النوم

عند العودة 

لا تهدموا أعشاش اليمامات

 لعل الفراخ تكبر

 ‏ولا تتلفوا عروش كروم العنب

 ‏فالثعلب مازال بالمرصاد

 ‏ويقول العنب مازال حصرم

عند العودة 

ازيحوا الاشواك من الطرقات

 لعل غريبا تاه عنه الطريق

 ‏ الى منزل طفولته

عند العودة

 لاتكمموا أفواه الكادحين 

 ‏الذين قالوا :

 ‏نريد كسرة خبز لا أكثر

عند العودة 

أخبروا والدتي

 بانني مازلت

 ‏ أكتب قصائدي لحبيبي 

 ‏وأخفيه بين طيات الدفتر

عند العودة

أخبروا الرفاق 

إن قصائدي لم تذبل 

بل تنمو لها جذور وتزهر  .

غربة قنبر


8

بدم بارد

 تغتال نظراتي البريئة 

وأنا التي وجدت ضالتي

 عند أسوار عينيك المنيعة

فتارة ترتدي نظارات سوداء 

لتحجب عن عينيك

 نور شمس وجهي 

وتارة تغتال بلا مبالاتك

 من فمي القصيدة  .

غربة قنبر


9

ما الضير إن إلتقيتك 

كل صباح في مرآتي!!؟

وأنا ذاهبة للعمل

ما الضير إن إحتفظت بي

 في أقصى 

 ‏الجزء العلوي من صدرك؟؟!!

ماالضير أن أستقبلك 

كلما أكتب 

وتكون المقدمة والخاتمة بكتاباتي!!؟؟

ماالضير إن تمسكت

 بك كذكريات أليمة

ماالضير في كل ذلك

مانفع ذكرك في كل قصائدي

وأنت لاتفك رموز الكتابة

مانفع قلمي ودواتي 

وأنت تعشق مكحلتي

مانفع حضورك آخر الليل

وأنا أشتهي تواجدك 

في مدخل القصيدة .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٧/٢٣


10

أنصت كل صباح

إلى دوي ضجيج غربتي

معاتبا"خيوط الفجر

المتسلل من نافذة حجرتي

إلى أركان قلبي

أتعافى حينما يعانقني الشوق

إلى كهوف العزلة

ونبش ذكريات الطفولة

أرغم نفسي على تعاطي الصبر

على حلم مع خيوط ضوء أندثر

حاك قميصا أستعاد لي البصر

أدمن ليل الغربة

بقنطار صبر

أغدو كأيوب النبي

ينزف جرحي الندي

أصرخ أين الحق؟؟

كالحلاج

وأبن المقفع

بقطع أوصالي أزداد صبرا

ولن أجزع .

غربة قنبر


11

هذا الصباح 

منحتني عيناك قرضا حسنا

رغم كثرة المرابيين من حولي

المرآة تريد مني 

حجج واهية 

وملأها العتاب

لا تريد أن تعكس 

صورة وجهي بدونك

صورتي

 من غير لمسة يدك 

 ‏غامضة وغير واضحة

 ‏ تشوبها الغربة

 ‏ كالضباب في المدن النائية

  المرآة تعاتبني 

  تشدني من أذني

  كتلميذ يوبخه معلمه

 ‏ في أول يوم دراسي

  أفر منها 

  وأتغاضى النظر عنها

  وكأنها منحتني قرضا 

  ‏وكان لزاما علي وفرضا

  ‏أن أسدد الدين 

  فتعال وأحضر 

 كي تتصالح معي مرآتي 

 ولتبدو صورتي واضحة أكثر .

غربة قنبر


12

خذ بقايا قلبي 

ووزع القطع الاخيرة منه 

على المتسكعين

 على أرصفة الإنتظار

وأعمل تخفيضات نهاية موسم 

على الحروف التي لم أنطق بها

خوفا من بطش السلطان

كي تكون حروفي

 في متناول الفقراء

على الواقفين

 في طوابير الخبز

والمتلهفين 

على الأحر من الجمر

 لنبأ عودة أبنائهم من المنفى

على العشاق الحالمين

 بعش تجمعهم 

خذ الجزء المعافى منه

لأيتام بلادي

وأمنحني

 النبضة الأولى 

 ‏حينما رأيتك .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٧/٢٨


13

قال الموج معاتبا

إلى أين تقذف بي أيها البحر؟

إلى ساحل نال مني وظفر

تحت أقدام المتعبين ؟

أم إلى 

وجهتي الضالة؟

ضحك البحر ملأ شدقيه

وقال

أنا من أردت أن أسالك السؤال

الكل يلهو بي

المتعبين 

والمرضى

 والغرباء

 ‏والمسافرين

ثمة عاشق

 يأتي ليلقي همومه في طي أنفاسي

وآخر يعاتبني 

لماذا أخذت منه فلذة كبده

وثالث يعاتبني بنظراته 

وأنا الذي قلبي يسع للجميع .


غربة قنبر

كتبتها في

رودسر

٢٠٢٣/٨/٩


14

إلى أجل غير مسمى

عيناي معلقتان كفانوس أخضر

تنتظران ظلك مثل ضمآن لقبلة

منذ الأزل

ثمرة روحي تتدلى

من شجرة أنفاسك

لاتهزها ريح ولاتسقط في حظنها

إلى أجل غير مسمى

أراقب عودتك

كي أسكب حبر عيني في نظرك

ويقتل ظمأ الرؤية ولو لوهلة

عند أقرب الأجلين

زهرة عباد روحي

تستمد من شمسك الضياء

لأنك وجهتها والقبلة

إلى إشعار آخر

وأنا أكتبك حروفا مبعثرة في دفتر ملاحظاتي 

جمعتها في السر

 نثرت كقصيدة عطر كلماتها


غربة قنبر

٢٠٢٣/٨/١٥


15

(حرية مؤجلة)

كلما فاح عطر ذكراك

أود أن أضيفك يوما

 الى اليوم الثامن من الأسبوع 

وفرحتك المؤجلة 

كمواسم الفرح في وطني

متى يعلن قدومها؟

متى تكسر قضبان سجني

وأنعم كالعصافير بجناحين

وريش مخضب بدم ساجن

فرحي 

أنت أحد أسبابه

تعطر ناصية أيامي

وعتبة قلبي بوجودك خضراء المساكن

وشرفات عيني 

مزهوة بك

وحزنك في أعماقي كامن

متى ياترى أحظى بوصلك

غدا"؟من منا للغد ضامن

تمر عجالة 

في دروب أمنياتي

وإناء صبري مكسور 

يبحث في ليل صدك

عن حجر آمن .

غربة قنبر


16

متأملا "خلف زجاجة النافذة

أسراب الفراشات الهائمة

 في الجو

يطارد خيالاته

 يتوق لعرش البنفسج

 وهمهمات الياسمين

يصوغ قلادة من النعناع

 لجيد آنية الزمن

يبعثر همه

 على الفارين من دقائق الساعة

يتوسل إلى البنفسج

أن يهب شيء من دلاله لحبيبته         

المسجونة في زنزانة الغرور

ويتجاوز أسوار الرياحين المنيعة

ويحلق مع قبرات الصيف

في زرقة السماء الصافية

فيصطدم برفرفة جناحيه

الشمعيتين 

بزجاجة النافذة .

غربة قنبر


17

وهل کان العراق ينقصه الحزن!!

هل كان العراق يدر حليب الفرح كي يتكالب الأهوال عليه دفعة واحدة!!

متثاقلا محملا بهموم وطنك

جئتنا أيها الكريم

تصرخ من غير أبواق

 تراب العراق في عطش كي تلثم بحروفك جسده الطاهر

 ‏يحمل عبق أنفاسك المسجاة بالورد والرياحين

 ‏مطرزا بكلماتك وفي جعبتك أشواق لتراب العراق الذي أقترن به أسمك 

قصيدتك التي لم تكتمل 

عن حبك الابدي للعراق

تنتظر بزوغ شمس حرفك

قبل المآق 

من ذا الذي يشفع للكلمة بعدك

من ذا الذي يغني للعراق !!

هل هو قدر كل عاشق أن يموت بعيدا عن معشوقته

أم أن الغربة تستسيغ لحوم العشاق!!!؟؟

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/١


18

يمر بقربي

 فيرفع له قبعته الطريق

 يشعل نارا بقلبي 

 ولا يعلم مابجوفي من حريق

 أحتار

 ماذا أرتدي له من فساتيني ؟

 الاخضر الذي يحب؟ أم الاصفر؟

 أو التي بي تليق

 يمر بقربي

 ولايبال ولايعلم 

 ‏أني بقشة لقائه متعلقة كالغريق

 غدوت أضحوكة من كثر إهماله

 فحالي لايسر به شامت ولاصديق

 يذر للريح قمح نظراته

 ولايرمقني بنظرة عن ضيق

 ياليتني كنت دخان سيجارته

 حبيسة بين سبابته وإبهامه

 ‏ ياليتني كنت الشهيق .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/١٢


19

أنا لم أخبره

 بأنه النبض 

 ‏ولاحياة لي 

 ‏بدونه وإن جاء العيد

ولن أخبره ما نويت ليوم غد 

ولم يعلم أني ممغنطة به

أنجذب إليه وإن كان بعيد

لن أخبره عن فستاني الجديد

وما أبتعت من خواتم وأقراط

أنا لم أعلمه ماذا أشتريت أمس

 من فساتين كي لا يحلم بها

 ‏وهو بعيد

أفاجأه دوما بعطري 

وأخرج كالسحرة حمامات من كم قميصي الأبيض

وأرانب بيضاء من تحت وسادتي

لكنه دوماً

يتعالى 

ويتمادى

ويفاجئني

ويتغاضى عني بالسؤال

ويكرر هل أحبه؟؟

وهل نسيت الندبة التي تركه في قلبي

وهل نعود يوما نكركر بضحكاتنا كالاطفال!!

يفرح شماتي

فأعود إلى فساتيني وقرطي وعطري والخلخال

لأرى صورته مطبوعة كالوشم على كل شال

يسير في طرقات مدني

ويقرأ قصائدي

ولايزال يكرر السؤال

إن كنت أحبه؟؟

ويطول الموال .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/١٣


على المائدة المتاخمة لقلبي

كل أصناف الطعام والحلوى

حليب بدسم أحاديثك الشيقة


هذا الصباح أريد قطعة جبن بنكهة ضحكتك

لكن نهاوند عينيك يفقدني التركيز

وشاي بعطر نعناع أنفاسك

يختصر كل شيء

كسرة الخبز كقلبي المكسور

لا أستسيغها 

وصوت فيروز القادم من الجبال 

يضفي على الجو نكهة القهوة الممزوجة بالود

لا أريد أن أفارقك هذا الصباح

ولا اذهب للعمل

انا بفارغ الصبر انتظر خبر عاجل

  يعلن عن عطلة 

كي تكتمل اللوحة التي رسمتها منذ أول وهلة

أعيد ترتيب قدحي الشاي

ومع أول قطعة جبن بنكهة ضحكتك 

رأيت إعلان حظر التجوال

للقبض على كل من يتناول جبنا أو حلوى بنكهة الضحك 

أو يفرح في وطني دون تغيير الأحوال .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/١٦


20

أغلق وراءك باب القصيدة

بكبسة زر أمسح دردشة قلبي معك

نظرتك الثاقبة تولج تحت مسامي

فأتحول كعنصر متسامي

دون أن أذوب في بحر عينيك

تزج بي في سجنهما

ولا أمل لي من إطلاق السراح

حينما صدمتني عربة الشعر فجأة

كتبت أول قصائدي لك

هذه اللهفة كالريح القوية

تفتح باب قلبي على مصراعيه

وتحدث ضجيجاً

وتصحي قلبي النائم .

غربة قنبر 

٢٠٢٣/٩/١٨


21

لك الأمر من قبل ومن بعد

إن حضرت وليمة هذا الصباح

الشمس غانية تريد أغوائي

أرتدت حلتها الذهبية

أعتمرت رأسها بتاج من الأشعة، تبعث لنا النور والأمل

السماء الصافية 

وصهيل ريح يريد أن يعكر مزاج الجو 

أفواج من الفراشات الهائمة مدججة بألوان الطيف 

تغزو بياض الصبح

وتفضح عهر الموشور

لك الأمر من قبل ومن بعد 

أن تكون في ضيافتي

لتتصدر مائدتي العامرة 

وأن تقام على شرفكم 

وليمة 

أقدم لك فيها كل أصناف العتب

وأرش على يدك ماء الذهب

أناولك منشفة 

تكحلت برموش عيني 

وأرتوت من دموعها

فكنت أنت السبب .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/٢١ 


22

بلا جدوى

أقلب ذيل صفحة

ذكرياتك على عقب

بعثرة أشواق

كومة رماد

كل ماتبقى لي من الأمس

مطفأة الشجن

مازال تحوي  

جمرا متقدة

بحاجة لهفهفة

 ريح أهتمامك

كي تتقد مرة أخرى

طواحين الهواء الفارغة

تدور بلا مبالاة

ولا قمح ذكرياتي يصلح خبزا

أجهش بالبكاء

لأطلال الخطوات التي

كانت يوما

ترسم أول أبجديات

في كتب لم تحتوي غير الألم .

غربة قنبر

٢٠٢٣/٩/٢٣


23

في صغري حينما كنت طفلة 

كنت أسمع عن اللص 

وكيف يسرق 

ويقتحم بيت جارنا ويسرق التحف

كنت أتصوره رجل بملامحم قبيحة

أسود اللون قوي البنية

ذو لحية كثة 

ولا أدري لماذا كنت دائما أراه رجل يحمل سلما خشبيا على ظهره

يصعد الجدار

ويقتحم البيوت ويختبىء خلف الأشجار

ولم أبح في حينه لوالدتي

عن أي أسرار

وحينما صرت صبية 

رأيته شابا يسرق القلوب في وضح النهار 

ويسرق الوقت بدل الدينار 

فزاد قلبي دقاته وشاهدته بإنبهار

وكل ذلك النظرة الأولى عني للص أنهار

..حينما بلغت من السن رشدا

رأيته في كل الساحات والميادين

يحمل على كتفيه الأوسمة والنياشين

يخرج في وضح النهار

يختال الفرحة ويسرق الأموال

لا يهاب الأهوال

له اسم ومكانة بين الناس 

وبيته من الموزاييك الفاخر 

ورهيف الاحساس

قد يكون من التجار وأصحاب الدفاتر

عندئذ أخبرت شقيقتي التي تصغرني

والتي دائما كانت تسألني 

إن أخبرها عندما أرى اللص

طليقا كان أو في قفص

بأني أخيرا رأيت اليوم بأم عيني

 اللص بزي مدني

وبإمكان كل فرد أن يصبح لصا 

لو أعطت السلطة له ليتقاسمها مع الشعب نصفا .

غربة قنبر

٢٠٢٣/١٠/١


24

لا جديد اليوم 

الوردة البيضاء التي

 تزهر على نافذتي

 مازالت مصرة أن تشبه قلبك

العصفورة الحزينة التي خرب عشها مازالت بانتظار قدوم الربيع كي تبني عشا جديدا وتضع بيوضا

 بحجم السماء

ناي قلبي المثقوب

ما يزال يصدر ألحانا

 تشبه النحيب

أسأل الصدى

 فليس هناك من مجيب

أنتظر قدوم صباحات أخرى

لعلها تبشرني بقدومك

دون جدوى فأن ظني بك يخيب

عندما يقع نظري 

على لوحة المفاتيح في العمل

أخطئ دوما

أثناء المراسلات 

 يوبخني المدير

 ‏أكتب بدلا من

 إلى من يهمه الأمر

 ‏إلى من سكن القلب

وفي الدفتر

 ‏أكتب قامتك بدل من القائمة 

وكأن الكيبورد 

 لايحمل سوى حروف اسمك الأربعة

فأكتب السين بدل الصاد

والألف بدل الباء

وأترك الفواصل 

كي ألملم بعضاً 

من نظراتك الشاردة

وأعود إلى رشدي .

غربة قنبر 

٢٠٢٣/١٠/٥


25

منذ أن كنت حبة قمح

في تراب الوطن

أتدفأ بحضنه ومن مائه أرتوي

أو في منقار طير ألى صغاره يحملني ويحط بي

أو في مطحنة بين فكي الرحى أنزوي

أجلب السعد لفلاح مع تمايل المنجل بعناقه أحتفي

أصير خبزا 

أكون سنبلة ذهبية

لسنين عجاف

أعشق المطر

واعشق السفر 

أحط رحالي في أرض جرداء

بي الأرض تزدهر 

والجوع ينجلي

ومن قشي قبعة

تحاك

من حر الصيف بي يحتمي .

غربة قنبر 

٢٠٢٣/١٠/٦


26

الخريف 

كغيره من الفصول

لا يزيدني إلا حزنا 

ودمعا في العيون

لا يكفكف دمعي 

ولا يمنع المطر من الهطول

مازلت كغيري من الأشهر

 أنزف عند الاصيل

أنزف ضوع عطر 

وقافلات من الفراشات 

عند مطلع الدرب

 تبتاع رفرفة 

وتدور 

تشرين شهر الحزن

تشرين مثلي

 مكبلة اليدين والساقين 

 ‏على فمه شريط لاصق قوي

 ‏ينظر مذهولا 

لايبوح بما في منتصفه

 وأوله وآخره 

ولا يختلف كثيرا عن كل الفصول

تشرين كغيره من الأشهر

حزين مشرد مهجر 

أوراق وجهه صفراء وفي ذبول

يشاطر بقية الأشهر أحزانه

ويداوي جراحاته

ويعقم أيامه

تشرين شهري الحزين

لماذا تتألمين 

وقيح جراحاتك لايزول .

غربة قنبر

٢٠٢٣/١٠/٥


27

لا وجود لرجل

 يخشى علي من الظلام

 كأبي

يبث بأبتسامته الصامتة

أحلى قصيدة

يبني بمسحة يده على رأسي

 خيمة أمان

يرشي الوقت 

كي يبقى معي

 لحين انتهاء دمعي

يخلصني 

من براثن شوقي إليه

ينشر عطره الأزلي

 في كل مكان

كل مساء أنتظره

 مسورا بهالة من الحنان

يزيل عن يدي 

شوكة لعينة

 توخز ذاكرتي

تسلب مني العنفوان .


غربة قنبر


28

لن أضبط الساعة هذه المرة

حسب التوقيت المحلي لقلبك

بل سأضبطها حسب ميقات الاشتياق

وحسب التوقيت الصيفي لمزاجك

عدم الألتزام بالموعد

ونسيان الوقت من سماتك

فلا تحاول أن تقنعني بفرق الوقت 

بين بلدينا

أني أحس قربك مني 

أكاد أسمع نبضك

ورنة الاقداح حين تشرب الشاي

 ألمس عبق أنفاسك

 ‏فلا تبرر لامبالاتك بحجج واهية

 ‏كرداءة الشبكة

 ‏أو انتهاء اشتراكك في الخط المجاني

 ‏انت الجاني بحقي

 ‏أتصال منك 

 ‏يبدد غيم أحزاني

 ‏ولا يسعدني غير هطولك المفاجئ

 ‏مثل زخات مطر 

 ‏فتزلزل كياني .

غربة قنبر


29

من تحت الركام تنهضين

نضرة وطازجة 

مثل شجرة برتقال

إني لم أرك من ذي قبل بهذا الجمال

ترابك مخضب بالدماء

 رغم كل الأهوال

إني أراك لاتصرخين

لسانك المبتورة تفيض بالأنين 

والصرخة المكبوتة تلج بالنداء

 مازلت باقية صامدة 

تنثرين عطر الياسمين 

النابت على سواعد أطفالك 

رائحة القهوة والزعتر

تلامس شفاه صباحك الدامي

معاتبة ليلك المليء بالدخان 

كيف لهما أن يلتقيا معا

 شتان مابينهما شتان 

وخبز درويش الطازج 

لم تخرج من تنور أمنا هذا الصباح

غير عويل ونحيب وصراخ

خذي خاتم عرسك 

وبقايا الصور 

المعلقة على الجدار

عسى أن تتخذيه 

في جنات الخلد كتذكار

أو أن ينفعك درعاً 

لجسدك الغض

وتعيد النبض

لقلوب المكلومين

خذي أعمارنا

خذي هدايانا

خذي طفولتنا المفقودة

ابقي صاحية ولاتسكتي

عندما تدركين الصباح

فكل شيء في بلادنا مباح

إن الأنذال لا يفرقون في الدماء

بين مضاجعهم النجسة 

وأرض الأنبياء .


غربة قنبر ‏


30

في كل مرة أعاتبني

لا ألومني ولا أجلد ذاتي

بل أدور في حلقة فارغة

لأنني كنت أنازعني كي أبدو في قمة الكمال

أجمع قواي الخائرة

 وأقذفني في بحر السؤال

أرآني سليطة اللسان

وأسألني

هل كان لابد من أن أنازعني

وأدخل معترك نفسي الأمارة بالحب

وأطردني من ساحة المعركة

وأخسرني !

أو أن أتصالح وأسلمني إلى قلبي الذي يخرج عن طوعي ويأمرني أن أحبني.

غربة قنبر


31

فاجأني

هذا الصباح

كبرعم في حديقة مخيلتي

نمت على طرف ثوبي كزهرة 

هطلت مثل زخات المطر

فاح منها عطر الارض

امتلأت بها رئتاي

حدقة عيني خزنت كل الصور المتلاحقة

أيامي صباي وطفولتي

حقيبة ممتلئة إلى آخرها بعطر زنبق 

أقاح في أوانيها تنتظر من يسقيها

أخفي ذبولها المفاجئ

أنسى تلك اللحظة

هنيهة

أطوي صفحة الذكريات

غربة قنبر

32

لا أملك فائضا من الوقت 

كي أتسلى بحل لغز وجهك

مثلما كنت أتسلى

 بحل لغز الكلمات المتقاطعة

هذا الصباح 

خطوط كفك 

فيها شيء مختلف

 عن سائر الأكف

 ليس بمقدور العرافة 

قراءة تلك الخطوط

 وجهك مختلف 

عن الصباح الذي قبله

أشعر بأفضال الله علي

حينما تراني

وعندما تنطق باسمي

ولاتفارق يداك يدي

وحينما تكون لي

لا زلت أحتفظ بتلك

 الصورة

 ‏التي علقتها 

 ‏على باب غرفتك

 ‏ (هذا من فضل ربي)

تعال ....

كي أحصي لك 

عن أفضال الرب 

وجمائله  

التي لا تحصى

 حينما كنت لي .

غربة قنبر


33

النظرات الأخيرة الآيلة للسقوط

لروزنامة هذا العام

التقطها مثل حبات قمح من بين كومة رماد

أخيرا وقبل أن تمضي اللحظات المتكدسة

 على أرصفة الوقت كبضائع مشكوكة ومجهولة المصدر

مازالت تنتظر أن تشحن في شاحنات لاتطالها أعين المخبرين

خوفي يمتط من القادم 

طردتني الوقت خارج مساحة الفرح

لانني كسرت يوما نافذتها الخضراء المطلة على أيامي

اعطوني اسماء مستعارة

معبأة بالتبغ كسجائر الفقراء

كسروا واجهة فمي الزجاجية

لم أبح بغير الحب

ولم اتجاوز الخطوط الحمراء

ورغم ذلك أصدروا حكما بتتر حروفي 

إن مرت كغانية وكشفت حياء الورق

أدخن لفافات الحزن

انظر بترقب للساعة الرملية التي تبلع الوقت بسرعة جنونية

اراقب شاشة الهاتف

علها تومض بأشراقة اسمك

كل حرف منها غمامة تسقي عطشي للقاءنا القادم

لعلي ادخر منها الفائض عن حاجتي في حصالة الايام كما تخزن السدود الماء

أحلامي المتكومة كملابس نزعتها للتو من حبل الغسيل ليس بوسعي طيها 

وليس بمقدوري ترتيبها حسب الأولوية 

تارة أجتر كلماتي

وتارة أخرى ألوك لحم الغربة التي لم تفارقني

كعكة الميلاد لم انتهي من إعدادها بعد

ولا الشجرة المثمرة بالاجراس والملائكة 

تزدهي باضواءها المرمشة

تلك الدقائق الأخيرة الفاصلة بين شيئين تكون دائما هي الحاسمة

خطواتي المتلاطمة نحو العام الجديد وكأنني مطاردة من كلاب مسعورة 

تجعل من التريث شعارا لي 

لانني اعلم أن القادم لايكون أجمل من دونك


غربة قنبر 


34

(مضى عام)


لا تسألوني أين كنت

طيلة ثلاث مائة وخمسة وستون يوما

كنت الشفق عند الفجر

ولحظة ولادة الشمس

كنت أغرس الندى في مهد الورد

وأرسم ملامحنا على وجه إشراقة الصباح

وعلى دروب بائعي الورد

كنت أتجمل كي أزين قبح أيامي

وأنتشي العطر من سلال الغد

ملامحي ضاعت مع مسودة حلم خطته يداي لذلك الوعد

بين آمال متأرجحة لعش حمامة

تخشى على صغارها من الثعلب الوغد

كنت أتابع نشرات الأخبار عن كثب

وما يحمله لي الايام كضربة نرد

لم أبالي بكيس القمامة

التي أمتلأت في داخلي

بعتاب من أيامي أو من الغد

هكذا دأبت الأيام تفعل بي ماتشاء دون اعتراض مني أو اي صد

فجاءت خاتمة أيام السنة

أحمل معي دواتي وحبري

وأوراقا" دون أن يكون معي الرد

على تفاهات لا أظنها تغير من ملامحي المتقابلة مع المرايا 

ولاتشد من أزري أي شد

ألتفت للجياع في شوارع وطني

وتلك الندى المسكينة

رقراقة تنتظر مني الرد.

غربة قنبر


35

سأخبر شيطان الشعر

 كي يكون ثالثنا 

يوسوس لي 

أن أكتب عنك 

يتخطى عنان السماء 

أتسلق أبياته مثل مكنسات السحرة

أنيابه الطويلة 

تنهش لحم قصيدتي

أظافرها المعقوفة

تتغلغل كالسكين في عمق لغتي 

أكتبك منافية لكل الأعراف

وأعتذر من رئيس القبيلة

 لأنني شاعرة

كل مافي قلبي على لساني

سأخبر شيطان الشعر

إن يمزق ثوب العادات 

وأن يتبرج تبرج الجاهلية الأولى 

يوسوس لي

يدس السمن في طيات كتبي

والعسل المصفاة

في لغتي

 وأنا أكتب عنك

غربة قنبر


36

(أحرص دوماً)

أحرص دوماً أن أجعلك 

 خلفية لشاشة أيامي

أطل على ملامح وجهك

كلما تشرق الشمس

ويسدل الليل ستاره

أحرص دوماً

 أن لا تكون الجرعة الزائدة

من لهفتي عليك

 كي لاتفسد حلاوة اللقاء

أحرص دوماً

أن لا أفرط في التفكير بك

كي لا أقض نحبي في غمرة الخيال

أحرص دوماً 

أن أمتزج بك 

كنقطتي صفر في مئة 

مثل إسم مجرور لايفارق حرف الجر

قلبي ينتابه التوجس خيفة

أنا حادث عرضي للهفة

يوم ألتقيت بك 

لقيت حتفي

لكن هذا المايسترو

لا يغادر جوقة الحزن 

بل يقودها إلى مثواه في داخلي.


غربة قنبر  


37

هل دريت أنا معك 

خطان متوازيان لا يلتقيان !!؟

أقدارنا تشبه البعض

نحمل نفس بصمة الأصابع

والعيون

تم أصدار حكم القبض علينا

لأننا نحمل هوية متشابهة

وعند الفحص الجيني 

تبين لي 

أنك تشبهني

ويكفي التعرف عليك 

لو نظروا لي

دقات قلبي

تردد أسمك

عند السفر

أحمل معي أوراقك الثبوتية

وأسمك الذي أمهر على راحة يدي

صورتك التي لم ترسم حدودها بعد

وأوصالك غير الملتحمة

ونسخة من إنتمائي إليك ياوطني

هل دريت!!

غربة قنبر


38

ومن روائع ماوصلتني للتو

أنك تقرأ لي

وتصلك كل رسائلي

 بعبقها 

 ‏وحلوها 

 ‏ومرها 

 ‏رغم رداءة الجو

ورغم الخطوط المتداخلة

وسوء شبكة الاتصالات 

فما أسند إليك من إشاعات 

بأنك شطبت اسمي

 من قائمة المفضلة لديك

كان محض هراء

وماذا بعد؟

هل أبوح بما قيل عنك

ماذا لو!!!! 

قيل عنك تكتب حروف اسمي الأربعة

وتضعها تحت الوسادة

كي تحلم بي

وتعلق على جيدك 

خرزة الحظ

لأنني قدرك

وأنني في حياتك تعويذة

ودعاء أمهات


غربة قنبر


39

تعال كي أوقع معك هدنة

طرفاها أنت

بنودها أنت 

وأنسحابي الى حدود 

قبل معرفتي بك 

من أقسى بنود الهدنة .

غربة قنبر


40

حينما أكتب عنك

تتهندم كلماتي

ترتدي بدلة أنيقة

تربط ربطة عنقها

تلمع حذاءها الأسود

وتظهر في أبهى صورة

عندما أكتب عن الغربة

أجمع شتات كلماتي

أختار لهم مأوى

بين دفء أحضانك

أسترسل في وثير فراش الأحرف

وأجمع كل المشردين

 في مخيم واحد

أطلق زفيرا حارا يدفئ كل من في المنفى

عندما أكتب عن وطني

تقف الكلمة خجلى

عارية حافية

جائعة ترتجف من البرد

وبقية الكلمات في أبهى حلة

تزهو بملابس العيد

تقف على موائد عامرة

بكل مالذ وطاب من مفردات

حروفي تجهش بالبكاء حينا"

على وطن كان سعيداً 

وتعلو قهقهاتها تارة أخرى

لما آلت إليها

مازالت كلماتي

 تصطك أسنانها بالبعض

تنتظر المساعدات من العبيد

ورزمة حروف عطف تصلها

عبر منابر الإذاعات في بريد

غربة قنبر


41

تارة أجده

 مثل الوشم على يدي

تارة أخرى 

يزقزق كالعصافير

على شجرة قلبي 

أحياناً يسير معي مثل ظلي

غالباً يكون حاضرا 

في أحلامي التي

 ما أن أصحو أنساه

 وكأن دهراً قد ولى على فراقه 

نادراً مايتركني

 على رصيف الذكرى

 وحيدة ..

تائهة..

 آكل بعضي

محتارة..

 خائفة ..

أن ينكشف سري

نادراً 

ما يتخلى عن الامساك بيدي

إنه هو ..

الراعي الرسمي لكل قصائدي 


غربة قنبر

2024/1/28


42

بمرور عامين على وفاة أمي كتبت


موجة البرد هذه!!!

كنت أعلم

 أنها تأخذ قلبك مني

طلبت مني أن أشتري لك 

كنزة صوف

 لو عرجت على متاجر الشتاء

 ‏هل كنت تعلمين؟

 ‏ أن البرد لقلبك المفعم بالحب إيذاء!!

طلبت مني شاي 

كي يدفأ جوفك 

وكم أدفأتني عباءتك السوداء 

حين السفر الى بيت خالي

 في قطار المساء 

كلما لفحني البرد القارس في ذاك الشتاء تذكرتك

أمااااه

كنت أعلم أنها زيارتك الأخيرة لي

فلم أوصلك إلى الباب

فأنا لا أطيق لحظات الوداع

ولا أطيق سكب الماء على الطرقات

سأزرع كل الطرقات بالنعناع

وأسور حدائق عينيك الخضراء برياحين قلبي الغض

وأسقيك النبض

 لتعودي لي 

بقامتك المستقيمة كعود خيزران

أين أخبأ مكحلتك الأثرية؟؟

وكيف  أواري وشم يديك التراب؟؟

أماااه أمااااه

ملابسك مازالت يفوح منها عطر الحناء

فأي عطر بعد عطرك به أحتفي!!

والقرنفل يعاتب شفتيك الوردية

كي بهما يلتقي

أمااااه

من أنادي من بعد رحيلك ؟؟

أيتها القديسة

أيتها النبية

غربة قنبر


43

وكيف كان حال منزل أبي؟

من غير شجرة التوت والتين 

والسرو الفارعة الطول

هل أثمرت من بعد رحيلك؟

ماذا أصابت اليمامة النائمة في قمة شجرة السرو

بعدما نال منها البرق

وأوقعها طريحة الارض 

في باحة دار خالتي فدغة

من أين آت بعد اليوم بكرات تشبه ثمرتها التي كنت ألعب بها بدل من الدعابل

وأتمايل مع طولها الذي يشبه قدك مثل السنابل

وهل هناك أجمل من فيء شجرة التوت

حينما يفتح أبي المذياع وهي تشدو 

(بعيد عنك حياتك عذاب) في تلك الظهيرة من تموز

وكيف لي أن أعيد للحاج عيدان عربته التي كان يجرها في عز القيظ كي يحصل على لقمة حلال !

وهل مازلت تسأل عن حال منزل أبي

بعدما انتحرت شجرة التوت

بعد شكوى أهل الحي من أوراقها المتساقطة

وشجرة الرمان لبت نداء ربها

وماتت واقفة

والتينة المسكينة نال منها الجفاف

بعدما سكبوا بقايا نفط على جذورها المتأصلة في الارض

غربة قنبر

٢٠٢٤/٢/٩


44

لم يكن لقاء عابر

وجودي معك 

على قضبان ذاك الجسر

كان موكبا مهيبا 

قنطار من البهجة 

كانت في إستقبالنا

شربنا نخب الفرح

أكاليل من الود 

أهازيج المحتفين بنا

العربة الملكية ذات المقابض الذهبية

والاطارات المسيجة بالحب

 كانت تقلنا

عامة الشعب

على جانبي الطريق

كانوا يتمنون أن يلامسوا يدينا

حينما نسلم عليهم

كان طريقا مفروشا بالأسمنت

لكنني كنت أراها مفروشة بالورد والياسمين

لأنك معي

كم كانت قصيرة تلك المسافة!

بالأمس القريب مررت بها

كان طريقا طويلا

وليس فيها لا العربة الملكية

ولا عامة الشعب

ولا المحتفين 

ولا الياسمين

والرياحين

بل جسر كونكريتي أخرس 

لا ينطق ولايحس

لأنك لست معي

غربة قنبر


45

هذيان آخر الليل


كم حذرتك !!؟؟

أن لا تضع هاتفك

 بالوضع الصامت

كي أسمع دقات قلبك الحزين

مع كل رنين

ألا تعلم أن دقات قلبك

هي رنين هاتفي

وإن كان بوضع الطيران

كم نبهتك !!؟؟

أن تعبأ هاتفي

برصيد من ابتسامتك

فقد أحتاجها كي أتواصل مع الحياة

كم شكوتك!!؟

 بأنزعاجي من إتصالك المتكرر

وجهلك بأنك في وجودي دوما متصل

كن على يقين

 أيها المتعالي أينما تحط

فإن رقمي متاح لك في كل الأوقات ودوما نشط

ولآخر مرة أنوه

أن لا تختار وضع الاهتزاز

بك أزهو إن هاتفتني

 وبكل إعتزاز .

غربة قنبر


46

في الصفحة التالية 

سأحدثك

 عن لهفة الورد 

في لونه

حينما يتمازج

 مع لون شفاهك


في الصفحة الرئيسية 

من صحف هذا اليوم

أنشر خبر قدوم

 سرب العصافير 

التواقة لقمح يديك


في العدد القادم 

من عرس النوافذ المغلقة

سأفتح الأبواب

 على مصراعيها 

كي تتنفس

بيادر القصائد

وأكوام قطن ضحكاتك المحبوس

وجيدك المكبل بالورد 

 سأدعو إليها اليوم

 بنات بلادي

كي نقيم

 وليمة الفرح

حتى إنبلاج الصبح

وقيام الليل 

ونمسح من عمر مديد 

عتمة عام

وفي خاتمة المطاف

 أكتب يتبع


غربة قنبر ٢٠٢٤/٣/٧


47

عند السفر 

كنت معي

ولكنهم لم يروا صورتك

مرة خبأتك في حقيبة يدي

فأنتبه الرجل الواقف على أجهزة السونار

وأعادني إلى المرور ثانية ليعيد الاختبار

ومرة خبأتك في حقيبة السفر مع ملابسي 

وقلم الكحل

وحين مروري في المطار 

تنبأت أجهزة الرادار

 وأرسلت إشارة إلى كل المقصورات

بوجودك

وأخبروا أجهزة السونار 

كيف فلت منكم هذا المختبىء

فأعادوا تفتيشي مرة أخرى

عثروا عليك معتليا عرش قلبي 

بلا منازع

وبكل أفتخار

فأعادوني وأياك لاني أملك تذكرة سفر واحدة

وحجزت مقعدا واحدا

وأحالوني لإجراء مقطع طولي لقلبي

وتصوير أشعة سينية

كي يمنعوك من السفر معي

لكنهم صرفوا النظر عن الموضوع

حينما علموا أنك كالمتلازمة 

تبقى معي 

تعاني معي 

تنام حين أنام

تضحك حينما أضحك

تمنح لقلبي السلام.

غربة قنبر


48

كل قبرات الصيف 

عادت

 الا تلك التي استنشقت رائحة التفاح

نفقت على أرض حلبجة 


النرجس تمايل بغنج ودلال 

يمينا وشمال

إلا نرجسة حلبجة 

نامت نومتها الأبدية

على ربى مسمومة 

تغيرت ملامح وجهها

فلم تعد مزهوة

 بشامة على وجنتيها

ولا خال

هديل الحمام

جاء متأخراً

ملوث الأنفاس

تخلطها شوائب

من غاز الخردل والسيانيد

آه يامطر السياب 

أين أنت 

كي تغسل حزننا القادم؟

من ياترى غير (انشودة المطر )

بصوت القنابل؟

 غيمة بيضاء 

شتتت أوصال السماء

كان لحنا حزيناً

فتكت بعذرية الأرض

لوثت جسدها الحبلى بالسنابل


سيروان أيضا لم تلد

أسماك ملونة

اجهضت من هول الفاجعة

بكل وحشية

رشقت بسجيل 

تحملها طائرات 

لا بلابل 


صبية الحي 

لم تحتفلن هذا العام 

نوروز قادم

أين أخبأ فستاني الوردي

أين أخبأ قلادة القرنفل

رائحة التفاح

تخنقني 

كرائحة المزابل


تدثري صغيرتي 

بلحاف وجهك

كل من حولك

نام هذه الليلة مبكراً 

فلا تنتظري عودة أبنائك من الحقول

ولا تتنظري طفلك الذي في المهد أن يكبر

 أعمدة الأنارة صامدة

رغم مصابيحها الخافتة

والشمعة المحترقة 

تبكي عليك 

وضوءها في أفول


غربة قنبر 

٢٠٢٤/٣/١٦


حلبجة مدينة في شمال العراق قصفت بالسلاح الكيماوي في ١٩٨٨/٣/١٦


49

هل تقرأ مابين السطور؟؟

فيها دموع ومطر وأشتياق

يتجلى مع كل صباح

مع طلوع الشمس 

مفرداتي عسيرة

لا تذوب في حلق اللغة 

تحفر في طريقها ندبا

وجروحا" ذات سيرة

يكتبها العظماء

على أبواب التاريخ

لاتهزها الريح

تحوم حولك كالخيال

سألقم تنهداتي وآهاتي

 لحاوية الأحزان

وأعتلي منابر السعادة

لو جعلت كفك غرسا في يدي

كوردة يانعة تنعم بأمان.

غربة قنبر


50

ماعاد من منفذ نهرب منه نحو السماء

بيتنا الزجاجي محط أنظار الاشرار

تتقاذفنا الاحجار

 من كل حدب وصوب

لم تعد الأرض تسعنا

لم يعد فيها لنا موطىء قدم 

منذ أن انقطع اتصال امي بالله

وصارت رديئة خط الدعاء

منذ أن ماتت اليمامة

 التي كانت تعتلي

 عرش شجرة السرو

منذ أن مات الربيع في وطني

منذ أن كف تنور أمي عن العطاء

وأصبح الخبز يأتينا

 بأكياس بلاستيكية

باردا كضمائر الساسة

جاهزا كالخطب المعلبة الرنانة

منذ أن مات ضوء الشمس في بيوتنا 

منذ أن ولد الاطفال بلا أنوف

في السجون والأرصفة

منذ أن أصبح آخر مانرتديه کفنا لنا

منذ أن صار الموت يلتهم الأرواح بالجملة

منذ أن صارت القصيدة قنبلة

منذ أن أصبح طعام الكلاب جمجمة

منذ أن طارت أحلام فتى شاب 

مع صياح الديك في تلك القرية الآمنة

منذ أن صار عشاؤنا حساء العدس الرديئة وبضع تمرات 

ولم تهتز الضمائر قيد أنملة

منذ أن تم اعتقال الابتسامة

ولقت حتفها في ظروف غامضة 


غربة قنبر

٢٠٢٤/٣/٢٤


51

تشبهني من حرف الأشواق

إلى الحرف

حين تغص الكلمة روحك 

وتغض الطرف

 تلجأ إلى شرب القهر!

وكتابة الشعر

أأنت مثلي أيضا 

طفح جلدك العارض

كانت وردة خبأتها

 في داخلي 

ولم أهديها لك

هل أنت مثلي ترتدي الطرقات

وتتسكع في الأزقة

 بحثا عن ركن آمن 

من الوشاة

هل أنت مثلي

 حينما ترش أصيص الزرع

 يحضر معك لون عيني

فتضطر إلى أن تجعلها عطشى 

كي لا تتذكرني

أنت مثلي

 حينما تبسط يدك

 لتلك العصفورة 

كي تأكل قمح يديك

 فتتذكر جياع وطني

أنت مثلي

 حينما ترتعش بردا 

حرارة الشوق تدفئك

وتنسى البرد الذي يعتريك

أنت مثلي دون شك 

هل ياترى أنا أشبهك ؟

غربة قنبر


52

أنا الساهرة

 التي تطوي الليل مرتين 

مرة عندما تغيب الشمس 

ومرة عندما تغيب انت


أنا تلك المرأة 

التي تبكي مرتين 

مرة عند الفراق 

وهي تترك وجهها

 على أرصفة المطار

ومرة من شدة فرحة اللقاء

 في صالات الإنتظار


أنا تلك الطفلة

 التي تتنفس مرتين 

مرة عندما

 تغادر رحم أمها 

وهي تصرخ

ومرة 

عندما تنعم

 بطيف وجهك الملائكي


أنا تلك

 التي تغادر الحياة 

ثلاث مرات 

مرة عندما

 تطوى سجل حضورها

ومرة عندما

 تكفن ضحكتها

ومرة عندما 

لاتحس بوجودها.

غربة قنبر 

٢٠٢٤/٤/٩


ليست هناك تعليقات: